مقدمـة : </SPAN>
تجلى قدرة الله عز وجل في كل شيء من مخلوقاته، من ذلك قدرته سبحانه على خلق المتضادات المتقابلات، فقد خلق الله محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأطهرهم، وخلق إبليسَ أخبث الذوات وشرها، وخلق الليلَ والنهارَ، والداءَ والدواءَ، والموتَ والحياةَ، والشر والخيرَ، والقبيحَ والحسنَ، وخلق علماءَ السوء في مقابل علماء الآخرة.</SPAN> </SPAN>
فلولا وجود أمثال بلعام بن باعوراء، وبشر المريسي، وابن أبي دؤاد، ومن شاكلهم، ما عرفنا فضل الإمام أحمد، وبشر الحافي، وابن أبي العز، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وأمثالهم من علماء الآخرة الأطهار الأبرار، فبضدها تتميز الأشياء، فلولا موقف ابن أبي دؤاد الخبيث، وبشر المريسي الخسيس، لما استبان صدق وثبات أحمد بن حنبل ، وأحمد بن نصر، وأبي نعيم من المخلصين الأخيار، فسبحان من لم يخلق الخلق عبثاً، ولم يتركهم سدى .</SPAN>
من هم علماء السوء؟</SPAN>
علماء السوء ، هم الذين يفقهون معاني كتاب الله</SPAN> </SPAN>ويعلمون حكم الله في المسائل التي يفتون ، أو يقضون فيها، ولكنهم يشترون بآيات الله</SPAN> </SPAN>ثمناً قليلاً كما كان يفعل علماء أهل الكتاب ، وهؤلاء هم أخطر على الإسلام ، والمسلمين</SPAN> </SPAN>من غيرهم، وذلك لعدة أمور</SPAN> :</SPAN> </SPAN>
الأول</SPAN> : </SPAN>قدرتهم على إظهار الحق في صورة الباطل، والعكس، ذلك أنهم قد </SPAN> </SPAN> يعتمدون على عمومات مخصصة ، أو مطلقات مقيدة ، أو مجملات مفسرة ، أو أقوال شاذة ، وهم</SPAN> </SPAN>يعلمون ذلك. ولكن عامة الناس لا يعلمون ، فيضللون الناس في فهم أحكام الله وينصرون</SPAN> </SPAN>الظالم ، ويخذلون المظلوم. </SPAN>
وهؤلاء يدخلون في مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾</SPAN> . </SPAN>[</SPAN> آل عمران : 71</SPAN> ].</SPAN>
الأمر الثاني</SPAN> : </SPAN>أن هؤلاء</SPAN> </SPAN>العلماء هم الذين يمكَن لهم فيظهرون أمام الأمة في الفتوى، والقضاء ، وغيرهما ، فيفتتن الجهال بفتاواهم، ويغترون بقضائهم، وتمجدهم وسائل الإعلام، وبخاصة في هذا العصر</SPAN> </SPAN>الذي تقلب فيه تلك الوسائل الحقائق، فتؤكد للناس لبس الحق بالباطل الذي يصدر من</SPAN> </SPAN>علماء السوء</SPAN> .</SPAN> </SPAN>
الأمر الثالث</SPAN> : </SPAN>تصدي علماء السوء لكل من أراد تنبيه الناس على باطلهم،</SPAN> </SPAN>حرصاً منهم على بروزهم وحدهم ، وعدم ظهور غيرهم، حتى يتسنى لهم الاستمرار في امتلاك الجاه، والمنصب الذين يدران عليهم الأموال التي يأخذونها في مقابل تحريفهم لكتاب</SPAN> </SPAN>الله ، وأحكامه</SPAN> .</SPAN> </SPAN>
وهذه الفئة أشد خطراً على الحق ، وأهله ، وأعظم الفئات مناصرة للباطل ، وأهله، لأنها تغزو العقول باسم الدين ، وبصفة علماء الأمة، وتنسب الباطل الذي تحاول السبق به إلى العقول تنسبه إلى الله ، همها حطام الدنيا وشراؤه بالدين، والتقرب بتأييدهم للباطل إلى أهله من الطغاة الظالمين.</SPAN>
إن هذه الفئة تكتم الحق وتلبسه بالباطل، وتصدر الفتاوى الظالمة ، والأحكام الآثمة، كل ذلك بصفتهم علماء الأمة وفقهاءها، يوقعون في فتاواهم وأحكامهم عن الله ورسوله ، فتسفك بفتاواهم الدماء ، وتستحل الحرمات ، وتصادر الأموال، ويخرج بها الناس من ديارهم ، ويفرق بينهم وبين أولادهم ، وأزواجهم، تفتح لهم الأبواب التي يلجون منها بأفكارهم إلى العقول، وتهيأ لهم الوسائل في الإعلام والتعليم، والمنابر وقاعات المحاضرات، وأماكن الحشود والتجمعات، حتى ينشروا الباطل باسم الحق، وتسد تلك الأبواب وتمنع كل تلك الوسائل ، من أن يتخذها علماء الحق ومفكروه وسيلة لنشر الحق والرد على الباطل، ولذلك تضلل عقول الناس فيصبح الحق عندهم باطلاً والباطل حقا.</SPAN>